crossorigin="anonymous">

شارلي شابلن.. اضحك رغم كل شيء

احياناً لايكون النجاح هو ان تتغلب على المراحل الصعبة فى حياتك لتصل الى هدفك فق ،بل يكون حين تقرر ان تسير عكس التيار الذى يسيرفيه العالم باكمله ، ان تقول كلمة مجنونة وسط التعقل او تصمت وسط الصخب  او ان تفعل مثل شابلن ان تَضحك وتُضحك الاخرين برغم كل البؤس الذى يمر به العالم .

ان تكون شارلى شابلن ليس بالامر السهل، فلكى تصبح اسطورة عصرك وايقونته الصامته  لابد من ان لديك كم كبير من العبقرية  وكم اكبر من الكفاح من أجل ماتريد. وربما هذا ماكان عند شارلى

هذا ماقاله عنه الفيلسوف جورج بيرنارد شو “انه العبقري الوحيد الذي خرج من الصناعة السينمائية”

أن تولد فقيراً وتعيش صعلوكاً فى لندن

ولد ” تشارلز سبنسر تشابلن ” يوم 16 أبريل/نيسان عام 1889 في ضاحية والوورث جنوبي العاصمة البريطانية لندن، كان الاب مغنياً والأم ممثلة فى تلك الضواحى الفقيرة ،ولم تستمر علاقة الاب والام طويلاً و بعد انفصالهما ذهب تشارلى واخيه للعيش مع ابيهم ولكن بعد وفاته بسبب إدمانه للكحول  إنتقلا للعيش مع والدتهما.  وحين اصيبت الأم  بمرض عقلى دخلت الى المصحة النفسية لاكثر من مرة ، وقتها تنقل شارلى واخوه الى ملاجىء الأيتام فى لندن.

من السهل ان تصنع حياة الفقر والتشرد صعلوكاً ولكن ان كنت كشارلى فستكون الصعلوك المبدع، فقلد تشرب شابلى حب التمثيل والرقص من امه، وانضم فى طفولته الى احدى الفرق التمثيلة فى ضواحى لندن  لكنه لم يتوقف عند ذلك فقرر ارض ان يبدأ فى ارض الاحلام ويسافر الى الولايات المتحدة.

انتقل شابلن الى الولايات المتحده الأمريكية عام 1910 وهناك تعاون مع شركة الإنتاج “كيستوف” حيث بدأ اول أدواره التى استمر معه وكان سبباً فى شهرته ” الصعلوك” ، يتحدث عن ذلك الدور بانه الذى قام باختيار الملابس لهذه الشخصية، حيث تملكت منه الحيره ، لذلك لم يجد امامه سوى الاستعانة بمحتويات خزانة الملابس  الخاصة بالاستديو فكان البنطال الواسع والسترة الضيقة والقبعة.

كانت تلك الشخصية انعكاس لما عاناه شارلى فى طفولته، لذا ابدع فى ايصال فكرتها بمجرد الايماءات والحركات والصمت حتى بعد ظهور السينما المتكلمة ظل مصمما ًعلى ان تظل تلك الشخصية صامته .

عاشت معه فى العديد من الافلام مثل (الملاكمة) و(المتشرد) و(حياة كلب) و(امرأة باريس) ، كانت تلك الشخصية مفتاح شهرة شابلن، وكان لديها خلطتها المميزة لاضحاك الجميع ، فهى تتمتع بالبساطة والخفة والقدرة على ان تصلك وتصل بك الى ماتريد قوله دون كلمة واحده.

فى تلك الفترة وبعد الارباح التى حققها شابلن اسس شركة الانتاج الخاصة به ، وبدأ فى كتابة وتصوير واخراج الافلام لنفسه ، وكان من ضمنها افلام روائية طويلة مثل ( الطفل ) (وحمى الذهب).

أرض الاأحلام تصبح كابوساً

ربما كان مايقدمه شابلن على غير هوى البعض فى إدراة الولايات المتحده الامريكية فى ذلك الوقت، فعلى الرغم من النجاح الذى حققه كان البعض لايعبتره امريكياً، لذا كان تحت الرصد دائماً الى ان حانت الفرصة لاصطياده،

مع بداية الحرب العالمية الثانية بدأت افلام شابلن تناقش قضايا اخرى وتضحك الناس من خلالها، فلقد بدأ يناقش الثورة الصناعية ، وتحول الانسان الى آله فى يد الرأسماليه العالمية وكان هذا من خلال فيمله ” الاوقات الحديثة “،وفى فيلمه ” الديكتاتور ” الذى جسد فيه شحصية هتلر، تكلم فيه عن انكاره للحرب وللصراع الذي حل بالعالم من اجل حماية مجموعة من الانظمة ، وكان ندائه فى خطابه فى اخر الفيلم ، ان على الانسان ان يحارب من اجل القيم التى يعتنقها ومن اجل الحب والتسامح وليس من اجل العنصرية ونشر الكراهية.

اما الفرصة سنحت للمترصدين له حين قال فى احد تصريحاته خلال الحرب العالمية الثانية “أن الانتصار في الحرب مرهون بالتعاون الكامل مع روسيا، وإيقاف الحرب ضد الشيوعيين”. كما عزز فيلمه  المثير للجدل “المسيو فيردو 1947″ التهمة عليه، حيث  قام  مكتب التحقيقات الفيدرالي عام 1948 بتحقيق مع شابلن الذي اعترف بأنه لا يعرف شيئاً عن الشيوعية، ولم يقرأ كتابات كارل ماركس، وأنكر أنه تبرع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للحزب الشيوعي في أميركا وعندما سأل عن سبب رفضه حمل الجنسية الأميركية قال : لأنني مواطن عالمي ..أنا رجل أنتمي الى العالم كله .

كل هذا وما زال تشابلن صامدا حتى صدر أخيرا قرار منع تشابلن من الإقامه بأمريكا بعد إلصاق تهمة الشيوعية به، حيث نُفي إلى سويسرا وعاش هناك مدة عشرين عام

لم يتوقف شابلن فى سويسرا عن انتاج الافلام او التمثيل بل بدأ سلسلة اخرى من انتاج وكتابة الافلام الطويل مسيو عام 1947، والأضواء 1952، والملك في نيويورك 1957، والكونتيسة من هونغ كونغ 1967

لم تخل حياة شابلن من الصعاب منذ طفولته ، لكن عدم استسلامه كان مفتاح استمراره لنهاية، الرجل الذى طرد من الولايات المتحده  لم يتراجع ويختفى بل بدأ من جديد ، وفى العشرين عاماً الاخيرة من عمره، بدا باعإدة طرح افلامه وتوزيعها وقد لاقت رواجاً وقتهاً.

اما الصعلوك الانجليزى الفقير فلم تنساه لندن، فقد منحته ملكة انجلترا وسام الفارس اكثر من ممتاز فى الامبراطورية البريطانية، وبعدها منح العديد من الجوائز ومنها دكتوراه فخرية في الآداب من جامعة أكسفورد، وجامعة دورهام في عام 1962، والأسد الذهبيّ في مهرجان البندقيّة السينمائي في عام 1972، وجائزة الإنجاز مدى الحياة من مركز لينكولن،

اما البلاد التى نفى منها فلقد عاد اليها عام 1972 للحصول على جائزة الاوسكار.

توفي شارلي شابلن يوم 25 ديسمبر/كانون الأول عام 1977 في مدينة فيفي بسويسرا، وشـُيعت جنازته بحضور أكثر من 20 رئيس دولة باعتبارها جنازة رسمية.

قد تكون الحياة رائعة ان لم تكن تخاف منها، فكل ماتحتاجه هو شجاعة وخيال وقليل من المال”  هذا ماقاله شابلن ، وربما هذا مافعله ، الخيال والشجاعة الذين منحوه  القوة للتخلص من ظروف فقره وكل المعوقات التى وقفت فى طريقه منذ ميلاده، بل الاعظم من ذلك ان شابلن اضحك العالم فى وقت الحربين العالميتين الاولى والثانية، واعلن عن موقفه الواضح ضد كل ماينتهك حق الانسان وحريته ونضاله من اجل عالم سعيد .

اترك تعليق

!-- Google Tag Manager (noscript) -->
%d مدونون معجبون بهذه: